Skip to main content

في السابع عشر من إبريل، 2024 شارك الزميل عطا خالد (ناجٍ من 4 حروب على غزة) شارك برفقة مبعوثي التنمية المستدامة كمتحدث في الجلسة الإقليمية للوطن العربي ضمن المؤتمر السياسي الذي ينفذه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بمقرها الرئيسي في #نيويورك، وكان هذا نص البيان الذي ألقاه عطا.

ماذا تعني لك العدالة الاجتماعية كناجٍ من الصراعات والاعتداءات العسكرية وما التحديات التي تحول دون تحقيقها في فلسطين؟

كناجٍ من 4 اعتداءات عسكرية، وإبادة جماعية وبيئية تدخل يومها الثالث والتسعين بعد المئة، يُمكنني القول بأن منظومة العدالة الاجتماعية بُبعديها الاقتصادي والمدني أبعد ما تكون عن الواقع في فلسطين، وفي قطاع غزة على وجه التحديد. سيّما بعد قتل أكثر من34,000  إنسان وإصابة قرابة 80,000، تدمير نصف المنازل السكنية، 100 مدرسة، 32 مسشفى و 6 جامعات  حتى اللحظة. 

وفيما يتنافى الفقر والعدالة الاجتماعية، ويعتبر سبباً رئيسياً لانتهاكات حقوق الإنسان وحدوث الجرائم، فقد بلغت معدلات البطالة في القطاع 45% حتى عام 2023. 

بسبب القصف الإسرائيلي،  زاد عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين بأكثر من 13,000 منذ السابع من أكتوبر..  فيما يُعاني هؤلاء الأشخاص من واقع مرير في ظل تهشم المنظومة الصحية ومنظومة التأهيل والرعاية.

أحدثكم اليوم بعد أن نجوت من حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطينيين في قطاع غزة، لقد كابدت 45 يوم تحت القصف، التجويع، والتشرد، وأجبرت على النزوح من منزلي والبقاء في خيمة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء بإحدى مخيمات النزوح بمدينة خانيونس.. فيما منحتني جنسيتي المصرية الحق بالإخلاء الآمن كمواطن مدني لا حول له ولا قوة بما يحدث من عنف وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين والشرائع الدولية.. نجوت من إبادة جماعية، وجئت اليوم لأحدثكم عن العدالة الاجتماعية

وحيث تنطوي العدالة الاجتماعية على التوزيع  العادل للثروات والموارد بين الأفراد، واحترام سيادة القانون، واعمال حقوق الإنسان، وضمان وصول مُتكافئ لمُكونات المُجتمع لخدمات الصحة والتعليم والتأهيل، إلّا أنّ قرابة ثمانية عُقود من الاحتلال الاستعماري لفلسطين، والحصار المُكتمل الأركان على قطاع غزة قد عصفا بمُحاولات إنفاذ العدالة الاجتماعية في فلسطين.

على الرغم من الجهود المبذولة من قبل جهات عدّة لتحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه انفاذها في فلسطين، وهي:

  1. الاحتلال الإسرائيلي، فالحصار الاقتصادي والسياسي والعسكري 1. يعيق النمو الاقتصادي 2. ويحرم الفلسطينيين من الوصول العادل الى الفرص والموارد والثروات.
  2. الانقسام: يُعيق الانقسام الجيوسياسي بين المُحافظات الشمالية والجنوبية في فلسطين، جهود تحقيق العدالة الاجتماعية ويزيد من التشرذم البُنيوي على مُستوى الهوية والثقافة!  أنا أُعتبر من المحظوظين القلائل في جيلي الذين استطاعوا زيارة الضفة الغربية المُحتلة في إطار عملي ضمن لجنة الشباب الاستشارية بعد الحصول على تصريح مؤقت من الاحتلال الاسرائيلي، وذلك ضمن اجراءات طويلة ومعقدة. قبل ذلك لم أكن أعرف كيف يبدو الشق الآخر من الوطن، وكيف يعيش أقراني الفلسطينيين في الضفة الغربية.
  3. السيادة: لا يملك الفلسطينييون سيادة كاملة على الأراضي الفلسطينية ومواردها برًا وبحرًا وجوًا، وقد بات الفلسطينييون مُجتمع مُستهلك يأكل مما لا يزرع، ويستخدم ما لا يصنع.
  4. اللاجئون الفلسطينيون: نتيجة لموجات التهجير القسري عبر التاريخ الفلسطيني وهجرة العقول بحثُا عن أفق أفضل، يعيش نصف الفلسطينييون في دول الشتات حول العالم، ملايين منهم في مخيمات للاجئين دون المستوى الأدنى من التمتع بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
  5. ضعف منظومة الضمان الاجتماعي: لذلك فهناك مئات آلاف الأسر الفلسطينية، بدون غطاء مالي- اجتماعي حقيقي يضمن حياة عادلة وكريمة.
  6. ضعف سياسات التمويل الوطني والاعتماد على الدعم الأجنبي والمال السياسي، حيث أشار التقرير الوطني حول مبادئ العدالة الاجتماعية في دولة فلسطين الصادر عن الإسكوا إلى أن هناك ثغرات في القدرة على إيجاد مصادر مستقرة لتمويل البرامج التي تدعم الدخل والأجور في فلسطين.

إن العدالة الاجتماعية هي إحدى ركائز السلم المُجتمعي وإن تحقيقها يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، وفي مقدمتهم الحكومة الفلسطينية والمجتمع الدولي، لتقديم الدعم والموارد اللازمة لتحسين ظروف الحياة العادلة للفلسطينيين. ومن وجهة نظري، فلا سبيل لذلك دون وجود إرادة سياسة وطنية لإنهاء الانقسام، وجهد دولي لإنهاء الاحتلال، وتمكين المواطن الفلسطيني على أرضه. 

أختتم لأقول بأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة قد أودت بتدخلات تحقيق العدالة الاجتماعية في فلسطين عبر السنوات المُنصرمة في ظلام دامس! وإن استمرارها يُعتبر تهديدًا وجوديًا لتحقيق العدالة الاجتماعية ليس في فلسطين فحسب، بل ربُما في الإقليم والعالم بأسره.

والسلام ختام.

Leave a Reply